قصة عزير الرجل الصالح، المذكورة في القرآن الكريم، هي قصة عجيبة تحمل في طياتها العديد من العبر والدروس.
وردت هذه القصة في سورة البقرة، الآية 259، حيث يخبرنا الله تعالى عن رجل أماته مئة عام ثم بعثه. وعلى الرغم من أن القرآن لم يذكر اسم هذا الرجل صراحة، إلا أن كثيرًا من أهل العلم، ومنهم ابن كثير في كتابه "البداية والنهاية"، عدّوه نبيًّا من أنبياء بني إسرائيل، بينما رأى آخرون أنه كان رجلًا صالحًا دون تأكيد نبوته.
تفاصيل قصة عزير:
يقول الله تعالى في كتابه العزيز:
﴿أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِي هَٰذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا ۖ فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ ۖ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ ۖ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ۖ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ ۖ وَانظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ ۖ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا ۚ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [سورة البقرة: 259]
مرور عزير على القرية الخاوية:
مرَّ عزير (عليه السلام) على قرية بيت المقدس بعد أن دمرها بختنصر (ملك بابل) ، فقتل أهلها وأحرقها، فأصبحت خاوية على عروشها، أي أن مبانيها قد تداعت وأصبحت خرابًا. وقف عزير متفكرًا في حال القرية، متعجبًا من كيفية إحياء هذه القرية بعد دمارها الشديد، فقال: "أنى يحيي هذه الله بعد موتها"أي كيف يحي الله بعد موتها؟.
فاستجاب الله لتعجبه، فأماته مئة عام، ثم بعثه بعد ذلك. وخلال هذه المئة عام، عادت الحياة إلى القرية، وعمرت من جديد، وعاد بنو إسرائيل إليها.
بعثه الله وإظهار آياته:
عندما بعث الله عزير، كان أول ما أحيا فيه عينيه لينظر إلى صنع الله وكيف يعيد الحياة إلى جسده. بعد أن استوى جالسًا، سأله الله (بواسطة الملك): "كم لبثت؟، فأجاب عزير: "لبثت يومًا أو بعض يوم"، لأنه رأى الشمس ولم يدرك أنها شمس اليوم التالي. فأخبره الله أنه لبث مئة عام، ثم طلب منه أن ينظر إلى طعامه وشرابه (عنب وتين وعصير) فوجده كما هو لم يتغير. ثم نظر إلى حماره، فرأى كيف يعيد الله بناء عظامه ويركبها، ثم يكسوها لحمًا وعصبًا وجلدًا، حتى عاد حمارًا كاملًا أمام عينيه وعزير ينظر إلى تلك المعجزة الربانية.
إدراك عزير لقدرة الله:
بعد أن رأى عزير هذه الآيات العظيمة، أيقن بقدرة الله المطلقة على إحياء الموتى وإعادة الخلق أي البعث والنشور، فقال: "أعلم أن الله على كل شيء قدير".
ملخص قصة عزير:
كان عزير رجلاً صالحًا يحب الخير ويساعد الناس، ويعيش في بيت المقدس. في يوم مر قرية مدمرة، فتعجب كيف ستعود للحياة. فأراه الله معجزة بأن أماته مئة عام ثم أحياه، ليجد القرية قد ازدهرت. وعندما سأله الله: "كم لبثت؟"، أجاب عزير: "يومًا أو بعض يوم"، لأنه لم يدرك مرور الزمن. فأخبره الله أنه لبث مئة عام، وأراه معجزة أخرى في طعامه وشرابه وحماره الذي عاد للحياة. فشكر الله على قدرته التي تُحيي الموتى وتُعيد الحياة."أعلم أن الله على كل شيء قدير".
العبر والدروس من قصة عزير:
- قدرة الله المطلقة: القصة تظهر قدرة الله على إحياء الموتى وإعادة الخلق، وهي دليل على البعث يوم القيامة.
- التفكر في آيات الله: القصة تدعو إلى التفكر في آيات الله الكونية، وكيف يعيد الحياة إلى الأرض بعد موتها.
- الإيمان بالغيب: القصة تعزز الإيمان بالغيب، وأن الله قادر على كل شيء، حتى لو تعجب الإنسان من كيفية حدوثه.
- الصبر واليقين: عزير عليه السلام كان مثالًا للصبر واليقين بقدرة الله، حتى بعد أن رأى ما رأى من آيات عظيمة.
إذا كنت ترغب في مشاهدة قصة معجزة الرجل الذي أماته الله مئة عام ثم أحياه من جديد، تعرّف على قصة عزير الرجل الصالح وكيف أعاد الله له الحياة بعد قرن من الزمان!
ختاما
هذه القصة تذكرنا دائمًا بعظمة الخالق وقدرته، وأنه لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء. وهي تُعدُّ آية للناس ودليلًا على قدرة الله في إحياء الموتى، وتثبت حقيقة البعث بعد الموت، وهي من أعظم الدلائل على عظمة الخالق وقدرته التي لا حدود لها.