قصة لقمان الحكيم: وصايا وفوائد عظيمة

قصة لقمان الحكيم تعد من القصص القرآنية التي تتضمن وصايا حكيمة لابنه، حيث قدم له نصائح تتعلق بالتوحيد، وبر الوالدين، وشكر النعم، بالإضافة إلى أهمية الحكمة في الحياة. هذه الوصايا تعتبر منهجًا تربويًا وأخلاقيًا يعزز القيم الإنسانية والدينية. تحمل القصة في طياتها دروسًا خالدة تصلح لكل زمان ومكان، وتُظهر كيف يمكن للفرد أن يعيش حياة متوازنة وسليمة.

وصايا عظيمة من قصة لقمان الحكيم

من هو لقمان الحكيم:

 لقمان بن ياعور، المعروف بلقمان الحكيم، هو شخصية بارزة في التاريخ والتراث الإسلامي، ارتبط اسمه بالحكمة والنصح الصالح. يُقال إنه كان من أهل سودان مصر، وتحديداً من قرية نوبة حبشي، حيث كان يتميز بملامح أفريقية تشمل البشرة السمراء والشعر المجعد. وتشير روايات تشير إلى صلته بالنبي أيوب عليه السلام، حيث يُقال إنه كان ابن أخته أو ابن خالته.

عمل لقمان في مهن متعددة وفقاً للروايات، حيث قيل إنه كان خياطاً، أو نجاراً، أو راعياً. عاش لقمان في زمن النبي داود عليه السلام قبل أن يُصبح نبياً، وهو ما أتاح له فرصة التعلم من داود  عليه السلام واكتساب المزيد من الحكمة، وفي هذا الموضوع سنسرد لكم تفاصيل القصة لقمان الحكيم.

نال لقمان الكثير من العلم والحكم على سيدنا داود عليه السلام حتى نال المحبة من الله سبحانه وتعالى الذي وهبه فيضاً يعرف من العلم والحكمة، مما خويله كونه حكيماً وخليفة لله على الأرض وقد عرف بلقمان الحكيم؛ والسبب في ذلك يعود إلى دينك حنكته ومهارته في حل المنازعات، حيث يطلب منه عمل لبني إسرائيل.

قصة لقمان مع سيده:

يُروى أن لقمان كان عبداً لدى سيده الذي الذي كان يرى فيه الحكمة، والبلاغة، وفي يوم طلب منه سيده أن يأتي له لقمان بشاة يذبحها ثم يأتي ما في الشاة أطيبها، ففعل لقمان ما طلبه سيده، ثم عاد وأحضر له لسان الشاه وقلبها، وتعجب الرجل، وسأل لقمان ألم كان في الشاة ما هو أطيب من تلك القطعة، فقال لقمان لا، فسكت الرجل. 

في اليوم الثاني طلب منه سيده أن يذبح شاة أخرى ثم يأتي ما في الشاة أخبثها ففعل لقمان، عاد لقمان ومعه ما طلبه وفي سيده أخبث ما في لسان الشاه وقلب، فتعجب الرجل وسأله، ألم تجد في الشاة ما هو أخبث من القلب ولسان فقال لا، فعجب سيده، وسأله ، لما طلبت منك أطيب ما في الشاة أتيت بالقلب ولسان، ولما عاودت طلبت منك أخبث ما في الشاة عدت وأحضرت ذات قطعتين القلب ولسان.

فتعجب سيده فما كان من لقمان الحكيم إلا أن قال: ليس مكتوب أطيب منهم إذا طابا ولا شيء أخبث أنت إذا خَبُثاً، ثم أمر سيده بتحريره لحكمته وذكائه،وبعد ذلك سافر لقمان إلى فلسطين حيث كان يعيش نبي الله داود عليه السلام ويعمل عنده. حين رأى داود حكمه وبراعته في حل بين الناس، عيّنه قاضياً لبني إسرائيل.

وصايا لقمان الحكيم:

وصايا لقمان الحكيم لابنه شامل لقمان بوصاياه الذي أوصاها لابنه والتي خلدها القرآن الكريم؛ لذا لأهميتها وقيمتها الكبيرة، ولا تقتصر هذه الوصايا على زمن بعينه، بل هي وصايا عامة، متنوعة ومتعددة، تصلح لكل زمان ومكان. تميزت بالحكمة العميقة والقدرة على التوجيه في مختلف جوانب الحياة. ومن تلك الوصايا:

1.توحيد الله ونبذ الشرك: التأكيد على الإيمان بالله وحده وعدم الإشراك به.  

2. بر الوالدين:حث لقمان ابنه على الإحسان إلى والديه، حتى وإن كانا مشركين، مع تأكيد أهمية عدم طاعتهما فيما يتعلق بالشرك.

3. الإيمان بمراقبة الله: الإيمان بأن الله مطلع على كل شيء، حتى لو كان مثقال حبة خردل في باطن الأرض، فالله يعلمه.

4. إقامة الصلاة: الالتزام بالصلاة لما لها من أثر في تزكية النفس وتعزيز الروابط مع الله.

5. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: تحمل مسؤولية الإرشاد والنصح للمجتمع.

6. الصبرعلى المصائب: التحلي بالصبر على المصائب والصعوبات.

7. التواضع وخفض الصوت: انصحه بألا يمشِ في الأرض مرحاً وتكبراً، وأن يخفض صوته عند الحديث، مشيراً إلى أن الصوت المرتفع مكروه.

مواضيع ذات صلة: قصة آسيا بنت مزاحم أمرأة فرعون

فوائد قصة لقمان الحكيم:

- الحكمة نعمة ربانية: الحكمة التي وهبها الله للقمان هي منحة إلهية لا دخل للبشر في اكتسابها، وهي تتطلب الدعاء والالتزام بعبادة الله والتقرب إليه.

- شكر النعم: شكر الله على نعمه يحفظها ويزيدها، ويشمل الشكر بالقلب، واللسان، والجوارح. شكر النعمة يعود نفعه على الشاكر نفسه، وليس لله حاجة في ذلك.

- غنى الله: الله غني عن شكر عباده، ولا يتأثر ملكه بشكرهم أو كفرهم.

- أهمية الحكمة: الحكمة تمنح الإنسان البصيرة وحسن الرأي والفهم، وهي ذات أثر عظيم في حياة الإنسان.

- أسلوب الوعظ والنصح: أسلوب الوعظ القائم على الترهيب والترغيب، مع التودد ولين الكلام، يجعل النصيحة تدخل القلب وتؤتي ثمارها، بعكس الذم أو التعنيف.

- ترتيب الأولويات في النصح: عند تقديم النصيحة، من الضروري ترتيب الأولويات والبدء بالأهم.

- التوحيد ونبذ الشرك: التربية على التوحيد هي الأساس، والشرك هو أعظم ظلم للنفس. نصيحة لقمان الأولى لابنه كانت تحذيره من الشرك بالله.

- معرفة الأوامر والنواهي: للمربي دور مهم في معرفة الأوامر والنواهي ليتمكن من توجيه المتعلمين بشكل صحيح.

- بر الوالدين: تذكير الأبناء بمعاناة الوالدين وفضلهم يساعد في تعزيز البر بهما. الإحسان للأم خصوصاً واجب عظيم.

- حق الوالدين: يقترب في أهميته من حق الله، مما يؤكد ضرورة بر الوالدين كواجب ديني وأخلاقي.

- مراعاة الفضل: الاعتراف بالجميل لأصحابه وعدم إنكاره هو من الفضائل التي تُعزز العلاقات الطيبة.

- اختيار الصحبة: من الضروري اختيار الصحبة الصالحة التي تعين على الخير، وتجنب من قد يفتن عن الدين أو يجلب الأذى.

قصة لقمان تقدم دروساً في الحكمة، الأخلاق، التوحيد، وشكر النعم، مع التركيز على أهمية التربية والتوجيه السليم.


تعليقات