كان جنكيز خان، القائد العظيم والمغول الأسطوري، يرافقه دائماً صقر مخلص، وفي كل رحلة كان يعتني به كأفضل ما يكون. هذا الصقر لم يكن مجرد طائر، بل كان صديقاً مخلصاً لجنكيز خان، لا يفارقه أبداً، ويساعده في الصيد وتلبية احتياجاته. كان الصقر يظهر وفاءه بإخلاص تام، حتى عندما كان صامتاً، كانت أفعاله تتحدث عن صداقته القوية.
في أحد الأيام، قرر جنكيز خان الخروج إلى الطبيعة وحده، وكان صديقه الصقر يرافقه كما هو الحال دائماً. بعد وقت طويل من السير، شعروا بالعطش الشديد. عندما عثر جنكيز خان على ينبوع ماء في أسفل جبل، ملأ كوبه وانتظر ليشرب، إلا أن الصقر الذي اعتاد أن يتصرف بشكل غير عادي في بعض الأحيان، انقض على الكوب وطرحه أرضاً، مما تسبب في انسكاب الماء.
حاول جنكيز خان مرة أخرى، لكنه واجه نفس المشكلة؛ فالصقر اقترب مرة أخرى وضرب الكوب بجناحيه، وسكب الماء مجدداً. تكررت هذه المحاولات حتى بلغ الصبر نهايته. استشاط غضباً من تصرف الصقر، وسحب سيفه في لحظة من الغضب الأعمى، وضرب الصقر ضربة واحدة أودت بحياته. عندما سقط الصقر على الأرض، أدرك جنكيز خان كم كان ذلك مؤلماً، فدماء صديقه تسيل وأصبح يشعر بمرارة ما فعله.
توقف جنكيز خان للحظة، واستجمع نفسه، وذهب إلى الينبوع ليكتشف ما حدث. وعندما صعد إلى مكان الينبوع، اكتشف بركة مائية كبيرة محاطة بالصخور، وفي وسطها حية كبيرة ميتة. أدرك أن الصقر كان يحاول إنقاذه من سم الحية، وأن تصرفه كان بدافع حماية جنكيز خان، وليس بدافع أذى.
بالغ الألم في قلبه لدرجة أنه كان من الصعب عليه تقبل ما حدث. ولكنه أدرك الآن مدى قيمة الصقر وتفانيه. عاد إلى معسكره، وقام بدفن صديقه العزيز باحترام، ولفه بخرق أنيقة.
ثم أمر جنكيز خان بصنع تمثال من الذهب على شكل صقر، ووضعه في مكان بارز. نقش على جناحي التمثال عبارة تحكي قصة الصقر وصداقته الحقيقية: "صديقُك يبقى صديقَك، ولو فعل ما لا يعجبك". وفي الجناح الآخر، نقش عبارة أخرى: "كل فعل سببه الغضب عاقبته الإخفاق". كانت هذه العبارات تذكيراً دائماً له وللآخرين بأهمية التروي والصبر، وأن الصداقات الحقيقية تستحق التفهم والتقدير حتى في أوقات الاضطراب.
وبهذا التمثال، خلّد جنكيز خان ذكرى صديقه المخلص، وتعلم درساً هاماً عن الغضب والرحمة، وأهمية التقدير الحقيقي للوفاء والصداقة.