يحكى أنه في يوم من الأيام، سافر شاب إلى إحدى الدول الأوروبية للدراسة. قضى هناك سنوات طويلة، تعرّف خلالها على أفكار وآراء جديدة جعلته يشكك في إيمانه ومعتقداته. وعندما عاد إلى وطنه، استقبله أهله بفرح كبير، لكنهم فوجئوا عندما رفض الذهاب إلى المسجد لأداء الصلاة. قال لهم بثقة: "لن أصلي حتى تجيبوا لي عن ثلاثة أسئلة تشغل بالي، ويجب أن يجيب عنها أكبر عالم تعرفونه."
أحضر الأهل أحد العلماء المشهورين بحكمته وعلمه الواسع. وعندما حضر الشيخ، سأله الشاب بتحدٍ: "هل تعتقد أنك قادر على الإجابة عن أسئلتي؟ كثيرون فشلوا قبلَك!"
ابتسم الشيخ بهدوء وقال: "هاتِ ما عندك، وسنحاول الإجابة بعون الله."
بدأ الشاب بطرح أسئلته:
1. "هل الله موجود حقًا؟ وإذا كان موجودًا، أرني شكله!"
2. "ما هو القضاء والقدر؟"
3. "إذا كان الشيطان مخلوقًا من نار، فلماذا يُعذَّب بها وهي لن تؤثر فيه؟"
بعد أن انتهى الشاب من طرح أسئلته، قام الشيخ فجأة وصفعه على وجهه صفعة قوية، مما أثار دهشة الجميع.
ثار غضب الشاب وصاح: "لماذا صفعتني؟ هل عجزت عن الإجابة؟"
أجاب الشيخ بهدوء: "لا، بل صفعتي لك هي الإجابة."
استغرب الشاب وقال: "لم أفهم!"
سأله الشيخ: "ماذا شعرت بعد الصفعة؟"
أجاب الشاب: "شعرت بألم شديد."
قال الشيخ: "هل تعتقد أن هذا الألم موجود؟"
أجاب الشاب: "بالطبع، وما زلت أشعر به."
رد الشيخ: "أرني شكله!"
قال الشاب: "لا أستطيع."
أوضح الشيخ: "هذا هو جواب سؤالك الأول. نحن نشعر بوجود الله من خلال آثاره في الكون، ولكن لا يمكننا رؤيته في هذه الدنيا."
ثم تابع الشيخ: "هل كنت تعلم أنني سأصفعك؟"
أجاب الشاب: "لا."
سأله الشيخ: "هل أخبرك أحد بذلك؟"
أجاب الشاب: "لا."
قال الشيخ: "هذا هو القضاء والقدر. لا نعلم ما سيحدث قبل وقوعه."
ثم سأل الشيخ: "ممَّ خُلقت يدي التي صفعتك بها؟"
أجاب الشاب: "من طين."
قال الشيخ: "وماذا عن وجهك؟"
أجاب الشاب: "من طين أيضًا."
قال الشيخ: "وماذا تشعر الآن؟"
أجاب الشاب: "أشعر بالألم."
أوضح الشيخ: "تمامًا. الشيطان مخلوق من نار، ولكن الله جعل النار عذابًا له."
بعد هذا الحوار العميق، بدأ الشاب يتأمل في كلام الشيخ. أدرك أن أسئلته كانت نابعة من شكوك سطحية، وأن الإيمان لا يحتاج إلى دليل مادي دائمًا. اقتنع بكلام الشيخ، وذهب معه إلى المسجد ليصلي. ومنذ ذلك اليوم، عاد الشاب إلى إيمانه بقوة، وأصبح أكثر قربًا من الله.
الدروس المستفادة:
1. الإيمان بالغيب: الله موجود، ونشعر بوجوده من خلال آياته في الكون، حتى لو لم نرَهُ.
2. القضاء والقدر: لا نعلم ما يخبئه المستقبل، ولكننا نؤمن أن كل شيء بقدر الله.
3. حكمة الله: الله خلق كل شيء بحكمة، حتى لو لم ندركها دائمًا.