حكاية بائع الحكمة: دروس في الأمانة والتقوى والفرص

في زمن مضى، كان هناك شاب شجاع خرج من منزله ليبحث عن رزق له. خلال رحلته، صادف متجرًا كبيرًا يملكه تاجر يجلس خلف مكتب فارغ.

 

استوقف الشاب التاجر وسأله عن نوع البضاعة التي يبيعها، ليجيب التاجر بهدوء: "أبيع الحكمة."

تساءل الشاب في نفسه كيف يمكن بيع الحكمة، ولكن فضوله دفعه لطلب حكمة من التاجر. طلب التاجر مبلغًا رمزيًا قدره قرشين، فدفع الشاب الثمن وحصل على حكمة: "مَن أمّنك لا تخنه ولو كنت خائنًا." أعجبت هذه الحكمة الشاب وأثرت في تصرفاته بشكل كبير.


لم يتوقف الشاب عند هذا الحد، بل طلب حكمة أخرى، ودفع قرشين إضافيين. حصل على الحكمة الثانية: "اتقِ الله أينما كنت، فمن يتقِ الله يجعل له من كل ضيق مخرجًا." هذه الحكمة زادت من إصرار الشاب على التمسك بالتقوى في جميع أفعاله.


احتفظ الشاب بالحكمة الثالثة "ليلة الحظ لا تفوتها" رغم أنها لم تكن واضحة له في البداية. دفع الثمن المتبقي، وواصل طريقه، مستعدًا لمواجهة التحديات.


وصل الشاب إلى مصنع يملكه باشا ثري وطلب العمل. أعجبت الباشا أمانة الشاب، فاستأمنه على إدارة المصنع خلال موسم الحج، مع تعليمات برعاية زوجته وتنفيذ أوامرها.


في إحدى الليالي، حاولت زوجة الباشا إغواء الشاب، مهددة إياه بالصراخ إذا رفض. تذكر الشاب الحكمة الأولى "مَن أمّنك لا تخنه ولو كنت خائنًا"، وتوجه بالدعاء إلى الله، فانهار جزء من الحائط، مما سمح له بالهروب.


عند عودة الباشا، لم يظهر الشاب بين المهنئين، مما أثار غضب الباشا. أخبرته الزوجة كذبة بأن الشاب حاول إغواءها وهرب بعد تدمير الحائط. فغضب الباشا وقرر الانتقام بوحشية، طالبًا من العمال إلقاء آخر شخص يدخل المصنع في الفرن الملتهب.


فوجئ الشاب عندما تذكر الحكمة الثالثة "ليلة الحظ لا تفوتها"، فشارك في زفة عرس وقضى تلك الليلة بعيدًا عن المصنع. في تلك الأثناء، حضرت الزوجة إلى المصنع، فكان العمال ينفذون أمر الباشا بإلقائها في الفرن.


في الصباح، اكتشف الباشا الحقيقة وندم على غضبه السريع. أدرك أن الشاب كان بريئًا وأثنى على حكمته ونزاهته، وقرر تعيينه مديرًا للمصنع، مؤكدًا له: "أنت من أنقذته الحكم، وهذا المصنع ملكك الآن."


خاتمة:

تعلّمنا هذه القصة أن الأمانة والتقوى، واستغلال الفرص في وقتها، يمكن أن يغير مصيرنا. فهي تذكير لنا بأن الحكمة ليست مجرد كلمات، بل هي مبادئ تُرشدنا في حياتنا اليومية وتساعدنا في مواجهة تحدياتها.

 دمتم في رعاية الله وحفظه 


تعليقات